🌿 كيف يمكن لفترة انقطاع مهني أن تعزز خبرتك؟
- Muna Zain

- 11 أكتوبر
- 4 دقيقة قراءة
تاريخ التحديث: 15 أكتوبر

إن التوقف مؤقتًا عن المسار المهني يمكن أن يساعدنا على إدراك ما إذا كانت وظيفة معينة أو مسار مهني معين لا يتناسب مع مَن نكون أو مع طموحنا في الحياة.
اختيار فترة انقطاع مهني (Career Break) يتيح لنا فرصة لاكتشاف آفاق جديدة وتجارب مختلفة.
ففي السابق، كانت الفجوات في السيرة الذاتية (الخبرة المهنية) تُعتبر سلبية وغير مقبولة،
لكن اليوم، أصبح بإمكان المهنيين أخذ فترات راحة للسفرأو التطوع أو رعاية العائلة أو متابعة الشغف، أو حتى إعادة التفكير في مسارهم المهني. جيل الألفية (Millennials) يقود هذا التوجه الجديد نحو المرونة والتوازن.
وفقًا لاستطلاعات الرأي، يمر معظم الأفراد بمرحلة في حياتهم المهنية تتطلب التوقف مؤقتًا عن العمل. فقد أظهر استطلاع أجرته LinkedIn عام 2022 على أكثر من 23,000 موظف أن 62٪ من العاملين أخذوا فترة انقطاع مهني، بينما 35٪ أعربوا عن رغبتهم في خوض التجربة مستقبلًا.
تشير هذه النتائج إلى أن المسار المهني الخطي أو "سلم الوظيفة" قد تحول إلى "موجات مهنية" (Career Waves)[1] — أي أن النجاح المهني أصبح أكثر مرونة وتنوّعًا.
ليست ثغرة في سيرتك الذاتية، بل نقطة قوة
فترة الانقطاع عن العمل ليست عيبًا في سيرتك الذاتية، بل يمكن أن تكون ميزة — الأمر يعتمد على كيفية استثمارك لوقتك ومدى استعدادك للاستثمار في نفسك. يمكن أن تصبح هذه التجربة نقطة بيع قوية في مسارك المهني إذا تم توظيفها بحكمة.
من الضروري إدراك الأثر الإيجابي لهذه الفترات على مسيرتك المهنية، سواء كنت تنوي العودة إلى عملك السابق أو خوض تجربة جديدة. لكن النجاح الحقيقي يعتمد على مدى التخطيط الجيد لهذه الفترة.
استعد نشاطك واكتسب منظورًا جديدًا
لقد وصل عدد الموظفين الأميركيين الذين يعانون من الإرهاق المهني (Burnout) إلى مستويات مقلقة. فوفقًا لدراسة أجرتها شركة Gallup، 23٪ من الموظفين بدوام كامل يعانون من الإرهاق بشكل متكرر، في حين أن 44٪ يعانون منه بين الحين والآخر. ولاستعادة التوازن، يحتاج الكثيرون إلى الابتعاد الجسدي والذهني عن العمل.
أخذ استراحة مهنية يمكن أن يكون المفتاح لتجديد الطاقة واكتساب رؤية جديدة. ففي دراسة شملت 61 قائدًا من خمس منظمات غير ربحية، أكد معظم المشاركين أن فترات الراحة ساعدتهم في توليد أفكار جديدة وزيادة ثقتهم القيادية. وفي دراسة أخرى قارنت بين 129 أستاذًا جامعيًا أخذوا إجازة أكاديمية (Sabbatical) و129 لم يأخذوها، تبين أن المجموعة الأولى سجلت انخفاضًا في مستويات التوتر وتحسنًا في الرفاه العام، وأن هذا التحسن استمر حتى بعد عودتهم للعمل.
وهذا يؤكد أن الفوائد لا تقتصر على الأفراد فحسب، بل تمتد إلى المؤسسات أيضًا.
تطوير طريقة تفكير متنوعة
التوقف مؤقتًا عن الحياة المهنية والسفر يفتح آفاقًا جديدة ويمنح تجربة عميقة وغنية. فالتفاعل مع ثقافات متعددة، خصوصًا في بيئات تتطلب التواصل رغم حاجز اللغة، يعزز مهارات التواصل والتفاهم والتأقلم. هذه التجارب توسّع مداركنا وتُكسبنا منظورًا أعمق تجاه الآخرين والعالم من حولنا. ويزداد هذا الأمر أهميةً في ضوء التوقعات بارتفاع التنوع الديموغرافي في القوى العاملة الأميركية خلال السنوات الست القادمة، بحسب مكتب إحصاءات العمل الأميركي.
إضافة إلى ذلك، فإن السفر يشكل فرصة رائعة لبناء شبكة علاقات عالمية، وهو ما يعزز فرصك المهنية على المدى الطويل. سواء كنت تعمل كفرد مستقل أو كمدير فريق، فامتلاك هذه الخبرات يجعل منك موظفًا أكثر قيمة وتأثيرًا عند عودتك للعمل.
رحلتي خلال فترة الانقطاع المهني
خلال فترة التوقف المهني التي امتدت أكثر من اثني عشر شهرًا، سافرت داخليا وخارجها، وتعرفت على ثقافات جديدة وأماكن لم أزرها من قبل. لقد علّمتني هذه الرحلات قيمة المغامرة وأهمية تجاوز منطقة الراحة.
فالمغامرة، في رأيي، لا تقتصر على القفز من الطائرات أو تسلّق الجبال — بل هي وسيلتنا لاكتشاف أنفسنا، واختبار قدراتنا، ومعرفة متى نصرخ "كفى!".
ورغم أنني لا أعتبر نفسي مغامِرة بالفطرة (أنا من النوع الذي يراجع تقييمات السلامة قبل أي نشاط )، إلا أنني أحرص دائمًا على تحدي نفسي وخوض تجارب جديدة بين الحين والآخر.
في العام الماضي مثلًا، قررت أن أرفع مستوى "الإثارة الآمنة":
انطلقت على جِت سكي نحو جزيرة كاتالينا بكاليفورنيا وكأنني بطلة فيلم أكشن،
ثم حلّقت بالحبال فوق الغابات الممطرة في كوستاريكا بينما أحاول تذكير نفسي أن الصراخ لا يُعدّ ضعفًا، واختتمت العام بركوب دراجة ياماها في جبال كولورادو — تجربة جعلتني أقدّر رئتيّ وقدرتهما على الصمود في المرتفعات!
هذه المغامرات لم تكن مجرد تجارب ممتعة، بل منحتني منظورًا مختلفًا للحياة، وألهمتني في عملي، وأثبتت لي أن بعض الدروس القيّمة تأتي حين نخرج قليلًا من "منطقة الراحة"... ولو بصرخة صغيرة في الهواء.
تطوير المهارات الحالية واكتساب مهارات جديدة
اختيار فترة انقطاع مهني يمنحك فرصة لتصبح موظفًا أفضل، وشريك تفكير أعمق، وقائدًا أكثر وعيًا. فهي فرصة فريدة لتطوير نفسك مهنيًا من خلال تحسين مهاراتك أو تعلم مهارات جديدة تتماشى مع مجالك. يمكن استثمار الوقت في دورات جامعية قصيرة أو برامج شهادات مهنية.
كما أن التعلّم عبر الإنترنت أصبح وسيلة فعّالة ومرنة.
من أبرز المنصات التي استخدمتها: Udemy، Coursera، وLinkedIn Learning
وجميعها تقدم خيارات غنية للتعلم والتطوير كما أوصي بشدة بـ برامج شهادة جامعة كورنيل، التي تضم أكثر من 240 برنامجًا للتطوير المهني. خلال فترة التوقف، أكملت برنامجين معتمدين من eCornell، وتعلمت الكثير واستمتعت بالتجربة بشكل كبير.
اكتشاف إمكانيات جديدة
في الختام، يمكن أن يكون أخذ استراحة من العمل تجربة فارقة في حياتك. فالكثيرون يحلمون بها، لكن القليل فقط يجرؤون على اتخاذها. قد تكون هذه الخطوة دليلًا على رغبتك في النمو وتوسيع آفاقك المهنية.
وعندما تبرّر سبب اتخاذك لهذه الخطوة، افعل ذلك بثقة وركّز على القيمة التي ستضيفها مستقبلًا.
تقبّل التجربة دون تردد، وسرعان ما ستدرك أن فترة الانقطاع المهني كانت من أفضل قراراتك على الإطلاق.
[1] Caroline Castrillon, Nov 2019, Forbes Contributor, "How A Career Break Can Benefit Your Résumé." https://www.forbes.com/sites/carolinecastrillon/2019/11/24/how-a-career-break-can-benefit-your-rsum/




































تعليقات